رحلة بَحرية مع الاصدقاء، قَضيت معهم سنوات جميلة داخل أسوار كلية الجبيل الجامعية
الذكريات الجامعية، هيَ مرحلة دراسية وسنوات طويلة من الاجتهاد للحصول على درجة علمية. لا توجد تجربة تعليمية سهلة، سيكون هناك دائماً صعوبات وتحديات حتى الوصول الى الهدف المَنشود. درست مرحلة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن تجربة الدراسة في السعودية في مؤسسة تعليمية ناشئة كانت مميزة ومُمتعة. حصلت على درجة البكالوريس في العلوم الإدارية من كلية الجبيل الجامعية، وكنت ضِمن الدفعة الأولى من قسم الإدارة، وكان عدد الخريجين ٥ طلاب فقط، من خيرة الاصدقاء الذين افتخر في معرفتهم. في البداية تَم قبولي في كلية الجبيل الجامعية بصورة مفاجأة، كنت في قائمة الاحتياط وكثير من الطلاب تلك الفترة قام بالانسحاب من الكلية والسبب الخوف من المجهول، وعدم وضوح مسار الكلية المستقبلي. بالنسبة لي كطالب كان الوضع مُخيف، لكن تجربة الهيئة الملكية التعليمية في كلية الجبيل الصناعية، ومعهد الجبيل التقني كانت مُشجعه.
لا اخفيكم كانت تجربة جميلة جداً وفريدة من نوعها. كان عددنا لا يتجاوز ١٠ طلاب، وكُنا دائماً نَتفق على عدد المواد ونستمر دائماً بالدراسة معاً حتى آخر فصل دراسي. والأجمل من هذا كله اننا دائماً نجتمع على خير ومحبة، اجتمعنا كثيراً في مجالس اهل العلم، وخرجنا في رحلات بريه وبحريه مُمتعة، واستطعنا تكوين روابط اخويه بيننا حتى هذا اليوم. الشَغف في النجاح والإنجاز كان الديدن الذي يجمعنا، وحُب المساعدة لبعضنا البعض كان من اهم اسباب نجاحنا واستمرارنا في الدراسة معاً.
بالنسبة لوضع الكلية الجامعية في تلك الحَقبة الزمنية كانت بسيطة جداً وإمكانيات مُتواضعة، ولكن كان الاهتمام بتوفير جودة تعليمية عالية تستطيع المنافسة في سوق العمل. للأسف كانت الأنشطة الطلابية في تلك الفترة محدودة جداً في النشاط الرياضي، ولم يكن هناك مجلس طُلابي، ولا يوجد أندية طلابية نستطيع فيها ممارسة مواهبنا. لكن لم تَمنعنا من الخروج، والاجتماع بشكل دوري للدراسة والمُتعة، وكثير من الاوقات نجتمع على نقاشات فكرية ونحاكي هموم اجتماعية، وربما نتشارك الاحلام والطموحات ونُعزز بصدق لبعضنا البعض. ربما لم يكن هناك نشاطات تجمعنا، لكن كُنا دائماً نجتمع على مودة حتى لحظة كتابة هذه التدوينة.
هناك البعض يعتقد ان تكون من ضمن الدفعة الأولى، ان دراستك ستكون أسهل لمحدودية العدد وربما الموارد، لكن العكس صحيح، جودة الدراسة كانت عالية جداً. كوننا الدفعة الأولى فهذا يعني ان عددنا قليل جداً، وهذا يعطي الدكتور ميزة قوية للشرح وإيصال المعلومة بشكل أفضل، ومعرفة مدى فهمنا من عدمه. اصدقكم القول، كان هناك حزم في الدراسة، لكن المردود العلمي كان ثري جداً. والجميل ان علاقتنا مع الدكاترة كانت علاقة قائمة على نشر المعرفة والفائدة. على سبيل المثال، الوالد أقام محاضرة في الكلية عن مجال الموارد البشرية وسوق العمل في الجبيل الصناعية. وايضاً لن انسى كثير من الاصدقاء قاموا بدعوة اباءهم او اخوانهم لعمل محاضرات قصيرة ومُفيدة بدعم من قسم إدارة الاعمال في الكلية. كانت الإمكانيات جداً بسيطة، لكن محاضرات قصيرة من مدراء ومسؤولين ذو خبرات عالية جداً ساعدتنا في تشكيل عقليات إدارية من مختلف المجالات.
ربما كانت هناك مُعاناة في البدايات من عدم وضوح الأنظمة، وتجارب سيئة مع بعض الدكاترة، ولكن هذه الحياة الجامعية سواءٍ في السعودية او في امريكا. ولكن بالنسبة لنا كان الموضوع تحدي كبير للوصول الى الهدف واستخدام الوسائل المُتوفرة للخروج بتجربة تعليمية مُفيدة. هناك من يَتذمر، لكن مواجهة التحديات والعقبات هي صفات يجب ان يتحلى بها الطالب في الجامعة و حتى في الحياة عموماً. كلية الجبيل الجامعية كانت مصنع للذكريات، وتجربة تعلمت فيها الكثير وكسبت صداقات غالية على قلبي، رغم بُعد المسافات عن الكثير من الاصدقاء ولكن الله وحده يعلم عن حجم المحبة التي بيننا.


الحياة في تجارب مُختلفة تصنع أبعاد فكرية لِخلق إنسان شُبه مُتكامل الصفات في مجالات شَتَّى , هذه التأثيرات تصنع الفرق الجوهري بين إنسان وآخر ..